ما هي المقامرة في سوق الأسهم؟ وما هي وسائل علاجها؟

أدى وباء COVID-19 إلى زيادة كبيرة في عدد المُستثمرين الصغار الذين يضخون أموالًا في البورصات في العالمية، وعلى عكس المُستثمرين المُحترفين الذين يستخدمون أموالهم بحكمة ووفق خطة مُحددة، فإن المستثمرين الصغار (وهم  في الغالب أباء وأمهات) يستثمرون أموالًا يحتاجونها بشدّة للإنفاق على أسرهم وعائلاتهم أو حتى للحصول على مستوى معيشة أفضل!

على سبيل المثال في أستراليا كان المُستثمرون الصغار مُشترين صافين لأسهم أسترالية بقيمة 9 مليارات دولار أسترالي في الفترة من أواخر فبراير ومنتصف مايو. في المقابل، فإن المستثمرين المُحترفين باعوا أسهمًا بقيمة 11 مليار دولار أسترالي! لذلك فمن المُرجح أن يكون هؤلاء الهواة مسؤولين عن انتعاشة السوق منذ أدنى مستوى له في 23 مارس. أو بمعنى آخر، فإن المستثمرين المحترفين أخذوا أرباحهم من أموال المستثمرين الهواة!

أظهر تحليل لجنة الأوراق المالية والاستثمارات الأسترالية لتداول مُستثمري التجزئة في الفترة من 24 فبراير (اليوم التالي لذروة السوق) حتى 3 أبريل من عام 2020، أن عمليات البيع والشراء اليومية للمستثمرين الأفراد كانت ضعف ما كانت عليه خلال الأشهر السابقة (3.3 مليار دولار مُقابل 1.6 مليار دولار أسترالي). أي أن هناك زيادة بنسبة 20% والتي كان مصدرها حسابات جديدة أو حسابات أُعيد تنشيطها!

ما هي دلالة اهتمام الهواة بالأسهم؟

أعربت الجهة المنظمة للأوراق المالية عن قلقها من اندفاع الهواة إلى سوق الأسهم والذي قد ينتج عنه خسائر فادحة تضطر الكثير منهم إلى فقدان الأمان المالي واللجوء إلى شبكة الضمان الاجتماعي! حيث أن التقرير السنوي يُشير إلى أن مستثمري التجزئة غير بارعين في التنبؤ بحركة السوق على المدى القصير ولديهم شغف بالأسهم لا يتناسب مع مهاراتهم أو معرفتهم!

فالمستثمرون الصِغار يغفلون حقيقة أن الأسواق تتعافى على المدى الطويل وتميل إلى النمو مع تحسن الكثير من المُؤشرات الاقتصادية التي يُمكن التنبؤ ببعضها ويبقى بعضها الآخر غامضًا ولا يُمكن التنبؤ به، لذا فإن التداول قصير الأجل وسوء توقيت الدخول إلى سوق الاسهم هما السِمتان المُميزتان للمُستثمرين الهواة.

السوق يمكن أن يحمل مُخاطرة كبيرة للمستثمرين الصِغار. لذلك، يجب أن يكون هؤلاء المُستثمرين حذرين من محاولة “اللعب في السوق” لأن تحركات الأسهم على المدى القصير قد تكون مُخيبة لأمالهم.

كورونا وسوق الأسهم المحفوف بالمخاطر

هناك العديد من التفسيرات المحتملة لمُخاطرة الهواة في البورصات العالمية والمحلية. فقد يرى البعض أنها فرصة رائعة للدخول إلى السوق عند نقطة منخفضة بهدف تحقيق مكاسب طويلة الأجل.

وقد يكون الآخرون عاطلين عن العمل ويتطلعون إلى “التجارة اليومية” – أي شراء وبيع الأسهم خلال أُطُر زمنية قصيرة – كمصدر للدخل. ومع ذلك، فقد ينتهز الآخرون فرصة العمل من المنزل لمتابعة أخبار السوق طوال اليوم.

لكن هناك تفسير آخر يستحق الدراسة أيضًا. فقد يعتبر هؤلاء المستثمرون الصِغار أن سوق الأسهم بديلة للمُقامرة. لذا، فعلى الرغم من كونها محفوفة بالمخاطر، يمكن القول بأنها ليست أكثر خطورة من المراهنات الرياضية أو المُقامرة في الكازينوهات.

تحمل المخاطر للحصول على المكاسب

تشرح هذه النظرية (القائلة بأن المُخاطرة هي عبارة عن مُقامرة ولكن بوسائل أخرى) سبب تضخم الرغبة بين المستثمرين الصغار في الدخول إلى سوق الأسهم؛ فالمُخاطرة بين مستثمري التجزئة هي استجابة طبيعية لعدم اليقين الاقتصادي الحاد الذي تُسببه الأزمات المالية، والكوارث الطبيعية، والجائحات الصحية.

ومع ذلك فإن الأشخاص الذين يسعدون بتحمل المخاطر المالية لا تتغير شهيتهم تجاه للمُخاطرة على مدار حياتهم حتى مع تغير الظروف الاقتصادية!

فمعظم المُضاربين بارعون في اتخاذ قرارات المخاطرة بأموال مُخصصة “للمُخاطرة” فقط. لكن الأشخاص الذين لديهم مشاكل إدمانية تجاه المُخاطرة لا يستخدمون أموالهم بطريقة عقلانية على الإطلاق.

على سبيل المثال، قد يكون شخص ما حذرًا للغاية في التعامل مع أمواله عندما يستقطع جزءًا من ميزانية منزله ليُنفقها على سوق الأسهم، أما الأشخاص الذين لديهم دوافع إدمانية فإنهم سوف يُخصصون كل أموالهم لسوق الأسهم. لذلك يمكن أن تحدث مُجازفة شديدة تُؤدي إلى خسائر فادحة لا يستطيعون إدراكها إلا عندما تحدث، ولا يمكنهم مواجهتها بسهولة!

اتجاهات المُقامرة

في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، قَدَر خبير استطلاعات الرأي روي مورغان أن نصف الأستراليين قد راهنوا بشكل ما!

أشارت الأرقام إلى أن 8.4 مليون بالغ أنفقوا حوالي 625 مليون دولار أسترالي على تذاكر اليانصيب، و 2.4 مليون أنفقوا حوالي 2.2 مليار دولار أسترالي على آلات البوكر، و 2.1 مليون أنفقوا أكثر 1 مليار دولار أسترالي على المراهنات الرياضية على الخيول، والرياضة، إلخ.

في أستراليا، أدى إغلاق الحانات والنوادي والكازينوهات خلال فترات الإغلاق إلى الحدّ من كافة أشكال المقامرة. خلال الفترة بين أواخر مارس وأواخر أبريل، قَدَر التحالف من أجل إصلاح المقامرة أن المقامرين وفروا أكثر من مليار دولار على أجهزة البوكر. كما أدى توقف العديد من الأحداث الرياضية إلى تقليل فرص المراهنات.

الخلاصة

هل هذا يعني أن الناس ينظرون إلى الأسواق المالية على أنها مجرد شكل آخر من أشكال المقامرة؟ إذا كان الأمر كذلك، فهذا الأمر يُمثل خطورة كبيرة بالنسلة لهؤلاء الذين لديهم دوافع إدمانية تجاه المُخاطرة.

إذا كان عدد كبير من الأشخاص يتطلعون بجدية إلى “التداول على أساس يومي” لكسب المال على المدى القصير، فإن هذا الأمر يعني أنهم يُقامرون ولديهم دوافع إدمانية. أي أنهم سوف يعودوا إلى سوق الأسهم بغض النظر عن الخسائر أو المكاسب التي جمعوها. فإذا كُنت تعرف أحد الأشخاص الذين يُعانون من إدمان المُقامرة بأي شكلٍ من الأشكال فادخل على موقع kuwaitga.org وستجد فيه سُبُل الدعم له، وكيفية تلقي العلاج المناسب، وما هي الأمور التي يجب على أسرته وعائلته اتباعها خلال مراحل العلاج المُختلفة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى